مطلوب وزارة للتُعساء .! أشرف عمر

لا تتعجب فإنها إرادة الله ، العين صابتني ورب العرش نجاني.،وهذا من فضل ربي ، كلها عبارات جذابة ملونه احيانا بكتابات فوسفوريه تلمع وتتلأليء في ظلام الليل الدامس، غالباً يضعها إخوانا الأرزقيه من سائقي سيارات النقل او الاجره ، وعربات "الكارو" ،و حتى الجيلاتي أو الدندرمه المتجولة.! فكلهم أناسُ طيبون لهم حق أن يخشوا الحسد والعين التي يُدب فيهم الرصاص ـ.! أحدهم أي إخوانا (الأرزقيه) كان يسير في أمان الله بعربته "الكارو" وكان ممدد الجسم علي قطعة سجاد قديمه وعاتية ومتكئاً علي أريكته البائده من القدم و ملتحفاً بغطاء قديم يقيه صقيع الشتاء في شمس الصباح الهادئة ومنصتاً لبرامج مذياعه "الترانزستور"علي برامج الراديو الصباحيه ، وإذا بسيارة حديثة الموديل ويدلعها العاشقين للسيارات بـ"الزلمكه" فجأة فَتكت الزلمكه القاهره بصحابنا وأزعجته وأخرجته من إنصاته الحالم وهدوئه الآمن بـ صوت"سارينتها " المتكررة المزعجة للجميع.!،ويبدو أن تنبيه الزلمكه أزعجت حماره الأليف الكادح مثل صاحبه فانحرف صديقه الحمار عن مساره فاصطدمت الزلمكه المتينة بالحمار والكارو وألقت بجسد الرجل الشقي المسكين بعيداً.!،ولولا ستر الله عليه لألقت الصدمة الشديدة بجسده الهزيل في غياهب مياة الصرف "المٌنتنه" داخل ترعه ملاصقه للطريق .! ويبدو أن أُصيب الحمار المسكين أيضاً بالعَرج البائن من آثار الصدمة،كما إنهارت معظم حمولة الكارو وتهشمت معظم محتوياتها من الأواني الفخارية من القلل والأباريق و"زلع" المياه وغيرها .، كل ذلك من أحداث دمار وكسور وخراب لم يُهدأ سائق الزلمكه عن روعه، وتقدم بالسيارة الفارهه سريعاً للأمام وأوقفها بعرض الطريق معترضاً أي كائنات عن المرور ، ونزل السائق المغوار من الزلمكه شامخاً كالصنديد وصاح بأعلي صوته قائلا : مش تفتح يا بني إنته والحمار والكارو بتوعك.!.ماشيين نايمين في عرض الطريق وتصدم وتعطل في الناس .! ومازال صاحب الكارو يحاول أن يستفيق ويستجمع قواه وفكره،فقد أخرجه كابوس الصدمة من هدوءه واطمئنانه ، وراح يطمئن علي حماره ويتفحص ما تبقي سليماً والمهشم التالف من بضاعته.!،وتجمع بعض الاخوه من الفلاحين وبعض الأرزقيه والسائقين وتطوع بعضهم لمساعدة صاحب الكارو وعونه من اثر الحادث الخفيف،وعاد سائق السيارة الفخمه يطمئن علي بعض خدوش وكسور طفيفة حدثت في مقدمة السيارة .، ثم انتفض ثانيةً قائلاً لصاحب الكارو بتغطرس : إيه يا عم أنت الوضع أيه معاك؟ وبرغم أن صاحب الكارو هو المتضرر الاكثر وصاحب الحق الا ان المسكين كان يرتجف ! فالواقع ان رهبة الموقف والصدمة تركا اثارهما علي المسكين فلم يرد او يحط منطق ! وتقدم متطوعاً أحد الشيوخ المتابعين للموقف والذي تجمع مع من تجمعوا علي الحادث وكان رجلا في حوالي منتصف العقد الستين من العمر وقال: صلوا عن النبي حصل خير والسماح لله . ورد عليه سائق "الزلمكه" وهو يهز رأسه : سماح ..خير.! العربيه أدمرت وتحتاج لـ 5000 جنيه علي الأقل بويه وسمكره وتركيب أنوار وشمعه !،وتظبيط ،..و ..و ! ورد عليه الشيخ بابتسامه وهدوء وهو يشير لصاحب الكارو قائلا: المسكين برضه اتخرب بيته وبضاعته تكسرت ، وحماره الظاهر رجليه تكسرت وعربيته اللي بيسترزق منها أتعوجت يعني الله يعينه ، ربنا يعوض عليكم جميعا.! ولم يأبه المتغطرس قائد المرسيدس وقال : أنتم عارفين المرسيدس دي تبع مين وسكت وانتبه بعض الناس وواصل سائق "الزلمكة" حديثه قائلاً "دي بتاعة سعادة النايب فلان..في مجلس الشعب. واستكمل يعني هيحبسه ويحبسني معاه .! ولم يهتم أو يعلق الناس فقد شبعوا من النايب والنايبه ووعودهم الفضفاضه الطائره وقت الانتخابات .! وقال رجل متطوع أخر زي ما أنت شايف ما يقدر علي القدرة غير الله ..الراجل اتخرب بيته .، يعني المفروض نساعده كلنا .!،وقال السائق وهو يحاول ضبط لمبة السيارة المتهشمه نساعده آه ! دي التلفيات اللي في الزلمكه تكلف ثمن عربيته وحماره .! ولم يعلق أحد علي ما قال ،ثم فكر ونظر السائق مره أخري للرجل الضعيف المسكين وقال : طيب هات يا بني إسمك وعنوانك ، ونشوف سيادة النايب هيقول إيه وهيعمل إيه في الموضوع دا . واخذ الاسم والعنوان وربما رقم الموبايل إن وجد.! وانطلق السائق مسرعاً بسيارة النائب الفارهه تاركاً الرجل ذا الملامح الحزينة يساعده بعض الكادحين مثله في تجميع ولملمة بضاعته ، وعلاج حماره .والرجل قد بدا يفيق فردد بصوتٍ مسموع : عوضنا عليك يارب .!، >الواقع ان بعض بني العرب من الجيران قضوا علي كل مشاكل شعوبهم مثل الجوع والفقر والبطالة والحاجة وحققوا مزيدا من العدالة لشعوبهم،ولم يبقي لديهم إلا أن يتأكدوا من مدي الرضا عن السعادة والترفيه ،فأنشئوا وزارات وهيئات للسعادة أو الترفيه والتسلية،. ولكن يحتاج الكادحين والمهمشين والمعدمين والمنسيين في مصر المحروسة للحاجه العاجلة لإنشاء وزارة او هيئه للأشقياء والتعساء لخدمة الكادحين والمعدمين لمساندة وعون وانقاذ من يموتون يومياً بسبب حاجتهم لدواء وعلاج ولمن يُخدعون في شركات وأعمال وهميه ولمساندة من لاعمل لهم ليرتزقوا ويعيشوا ولمن تهدم عليهم بيوتهم فصاروا مشردين بلا مآوي في برد الشتاء القارص وحر الصيف ولمن لايجدون ماء صحي ليروي عطشهم ولمن صدمتهم او قتلتهم سيارات وآليات رسميه، ولمن خُدعوا بسبب سفريات وسماسره وهجرات غير شرعيه ولإنقاذ من سجنوا او صدموا او دهسوا او ظلموا في بلاد الغرب ولمساندة وعون غيرهم وغيرهم من التعساء والأشقياء والكادحين والمعدمين فواجب ضروري وهام جدا انشاء كيان لإشعار وإنصاف هؤلاء جميعاً بإنسنيتهم وآدميتهم